حكاية الفنان اللبناني روني باسم غريبة عجيبة، هو الذي احترف التأليف والكتابة الموسيقية في سن متأخرة. من عالم المال والأرقام والحسابات، انتقل الى النغم والموسيقى والألحان ليبدأ مرحلة جديدة من حياته، لكن وفق معايير حددها سابقاً وهي الابتعاد عن الانحطاط الفني، والنمط التجاري الذي بات يتحكم بالإبداع، ومحاولة تقديم مادة موسيقية حول مواضيع تمس الإنسان من الداخل وتوثر فيه. لكن من هو روني باسم، وكيف وصل الى الفن؟ نشأ في طرابلس (شمال لبنان)، ومع اندلاع
الحرب الأهلية عام 1975، سافر الى الولايات المتحدة لإكمال تحصيله الجامعي، ودرس علم الاقتصاد السياسي.
والأحلام الوردية، هناك اكتشف مدى عنصرية فئة كبيرة من هذا الشعب، وغيرته من نجاح كل من ليس منه، ما سبّب له مشكلات عدّة في العمل. بين عامي 1983 و 2000 شغل منصب المدير المالي لشركة عالمية في واشنطن فعمل في دول عديدة كألمانيا، انكلترا، النمسا والسعودية. شكل عام 1997 نقلة نوعية في حياته، حين وضع كلـــمات على لـــحن كان قــد ألفـــه سابقاً عن متسولة أميركية اسمها ميرانديلين، كان يساعدها دائماً. هذه البداية مهدت له إصدار ألبومه الأول «أشقاء الروح» عن الحنين إلى الماضي وحب العودة إلى الوطن، ومعان كثيرة افتقدها في بلاد الغربة. لم يكن الألبوم على درجة كبيرة من الحرفية والإتقان، لكنه كان البداية، خصوصاً أن تأثره بدا واضحاً بالموسيقي روبرت مايلز في باكورة أعماله الذي أهداه إلى أخواله الستة. بعد هذه التجربة، تعلم روني أكثر عن الموسيقى و»غاص» في بحارها، كما تعلم العزف على آلة البيانو، والاستعانة ببعض البرامج الالكترونية التي تساعده في وضع ألحانه. وقرر مغادرة أميركا نهائياً بسبب ما لمسه من ظلم وعدم انسجام، وتكبده خسائر بملايين الدولارات بعد افتتاحه ناديا ليليا وإقفاله، بسبب ضغوط مورست عليه. من الولايات المتحدة انتقل روني باسم إلى العراق عام 2008، ومنها إلى أفغانستان، حيث يعمل في شركة تؤمن الغذاء اليومي للجنود الأميركيين هناك. لكنه لم يعد يتحمل العيش تحت وطأة الخوف والقلق، ويفكر حالياً في العودة إلى لبنان وإكمال مسيرته الفنية. اللافت في مسيرة هذا الفنان أنه استثمر «الزنزانة» التي كان يعيش فيها في أفغانستان، وح ّولها إلى استديو صغير بات ملاذاً آمناً، ترجم فيه مشاعر الخوف والوحشة والعزلة والحرمان. استعاد طفولته في تلك الزنزانة، وألف أكثر من سبعة ألبومات، وسجلها بمساعدة أشخاص عبر الانترنت، بأحدث التقنيات لضمان جودة الصوت. يقول روني باسم في حديث إلى «الحياة» إن العزلة التي عاشها في أفغانستان، سمحت له بإعادة ترتيب أولوياته، إذ شعر للمرة الأولى جدياً بمعنى البعد عن الوطن، فقرر العودة إلى لبنان في أقرب فرصة، ومواصلة ما بدأه. ويضيف: «حاولت من خلال أغنياتي، الابتعاد من الخوف، ومقاومته بالفن والموسيقى والكتابة، تغير تنظرتيإلىالحياة،وب ّتأستخدم قراراتي العقلية قبل تلك النابعة من قلبي». يلاحظ المستمع إلى أعمال باسم، حنينه الكبير إلى الماضي، والرابط العائلي القوي الذي يتحدث عنه في أغنياته، هو الذي نشأ مع ستة من أخواله بعد رحيل والده. إذاً ينطلق الفنان اللبناني من العائلة، ليتحدث عن الوطن والهوية والانتماء والأرض والروح والصفاء والحب والعواطف الجياشة والسلام، من دون الاعتماد على أنغام حزينة، بل موسيقى «التكنو» التي تحث المستمع اليها للرقص والغناء وتحريك جسده. ويدعو باسم في أعماله إلى التمسك بعاداتنا وتقاليدنا، وعدم تقليد الغرب خصوصاً الأميركيين الذين يقدمون نموذجاً سيئاً لنا. يرفض روني الحرب بكل أشكالها، لما فيها من هدم للقيم البشرية، لذا قدّم أغنية «هل نحن أغبياء» في ألبومه الأخير، والتي يسأل فيها «لماذا نحارب بعضنا». يبدو تأثر الفنان اللبناني واضحاً بفيروز وجبران خليل جبران، ما أثر إيجاباً على تأليفه الموسيقى، إضافة إلى حبه لروحية الـ «بي جيز»، وتميز شارل أزنافور واينغلبرت هامبردينك، ومحمد عبد الوهاب وعبدالمطلب. ولكن ماذا عن خططه للمستقبل؟ يجيب: «متحمس لفكرة إطلاق شركتي الخاصة تحت اسم «أو» من خلال مساعدة أهل الخير حولي، لنشر الوعي بين الشباب وإيجاد الوسائل اللازمة للتحدث إليهم والتقرب منهم، وليس فقط عن طريق الموسيقى، إنما مع بعض المحاضرات التي أود تقديمها لهم حول جوهر لبنان والتأثيرات السلبية للقوى الخارجية، خصوصاً بعد اجتماعي بهيلاري كلينتون، وبعد أن عملت وافداً على العقود العسكرية الأميركية خلال مسيرتي، ما يتيح لي الفرصة لتصوير بعض الحقائق التي نحتاج إلى مناقشتها».
Privacy policy Terms and conditions Contact
© 2023 Ronnie Bassem – Ambient Music Producer.